وسائل للشرك بالله
في البداية، يقول د. سعد بن عبد الله العريفي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والمستشار في المديرية العامة للسجون: عرفت البشرية في عصرنا الحاضر كثيراً من أنواع الشرك المتمثلة في خرافات الصوفية ومدعيهم وكثرة الطرق الصوفية والفرق الضالة عن الإسلام فاتجهت تدعو المخلوقين وتعبدهم من دون الله تعالى، وقد كانت الجزيرة العربية تعج بأنواع من الشركيات والبدع والخرافات نتيجة الجهل (تصدى) لها رجل صالح موحد هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - فأخذ ينهج منهج سلف الأمة ودعا إلى العودة إلى المنهل الصافي من الكتاب والسنة المطهرة وترك البدع والضلالات وقضى على هذه البدع والشركيات يؤازره الإمام المسدد محمد بن سعود - رحمه الله - فعادت الجزيرة إلى العقيدة الصحيحة أي عقيدة السلف وهي توحيد الله الخالص.. ومن هذه الجزيرة شع نور الإسلام لكافة بقاع المعمورة للعودة للدين الصحيح.. ثم قيَّض الله تعالى من سلالة ذلك الإمام المسدد رجلاً صالحاً هو الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود لتوحيد الجزيرة على عقيدة التوحيد بعد أن كانت متناحرة متناثرة فاجتمعت حول راية الإسلام الخفاقة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ولا يزال أبناؤه الكرام البررة يقومون ولله الحمد بحماية هذه العقيدة ويذبون عن حياضها تحت هذه الراية فجزاهم الله خير الجزاء وجعلهم مسددين موفقين.
فالغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله عز وجل وعدم الشرك به كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعاله بأن يعتقد العبد بأن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربى جميع الخلق بالنعم.. وهذا قد أقر به المشركون كما قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}ولا ينفعهم هذا التوحيد ما لم يقروا بتوحيد الإلوهية.
ثانياً: توحيد الإلوهية (توحيد العبادة): وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعال العباد والعلم والاعتراف بأن الله تعالى ذو الإلوهية والعبودية على خلقه أجمعين وإفراده وحده بالعبادة كلها من عبادات الجوارح والقلوب فالذبح والنذر والطواف والخوف والتوكل والرجاء والمحبة والصلاة والصيام وجميع الأعمال كلها تكون خالصة لله عز وجل كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
ثالثاً: توحيد الأسماء والصفات: وهو اعتقاد انفراد الرب جل وعلا بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه وذلك بإثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه، أو أثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من النقائص والعيوب.
وقد جاء المصطفى صلى الله عليه وسلم بكل ما يحمي جناب التوحيد وسد كل ذريعة تؤدي إلى الشرك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، ونهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ الصور والتماثيل حين قال: (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون).. كما قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا صورة إلا طمستها) وذلك حماية لجناب التوحيد وخوفاً من الوقوع في الشرك، ونهى صلى الله عليه وسلم عن السحر، والكهانة، والعرافة، والتنجيم، والتولة، والتطير، والتمائم وذلك لأنها وسائل إلى الشرك بالله تعالى والتعلق بغيره وقد قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات..) الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).. وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).. وقال صلى الله عليه وسلم عن التطير والتشاؤم بقوله: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر).. كما نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الأشخاص ورفعهم فوق مكانتهم فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله).. وذلك حماية لجناب التوحيد من أن يمس وأن يعبد العبد الخلق من دون الخالق فبهذا سدت الطرق والثغرات التي ينفذ منها الشرك بالله عز وجل.
السحرة والنهاية البائسة
ويقول الشيخ تركي بن عبد العزيز العقيل عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض: إن خطر السحر كبير، خطر حسي ومعنوي، ولا ينتشر في مجتمع إلا أفسده ولا تتبناه قوة ودولة إلا زالت، كما حصل لفرعون الذي توعد موسى بأنه سيغلبه، وادعى كذباً أن عصا موسى التي انقلبت إلى ثعبان ضخم وأن يده التي يدخلها في عضده فتصير تتلألأ، ادعى أن هذا من السحر وتحدى موسى وتواعد معه في يوم ما يظهر سحرهم على معجزة موسى في زعم فرعون، لكن الله غلبه ونصر عبده ورسوله موسى عليه السلام، فهذه النهاية البائسة لفرعون وجنوده، فمن أخذ بالسحر وترك التوكل على الله وأعرض عن دينه فالنهاية له سيئة وما عنده من عز فإنه زائل لأنه لا يثبت في ملكه ويحفظ له حقه إلا من أطاع الله عز وجل من حصول الإثم العظيم فلنتدبر هذا الحديث وقد رواه مسلم - رحمه الله - في صحيحه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)، فالله أكبر ما أعظم هذا الحديث يبيّن صلى الله عليه وسلم إثم من سأل السحرة، ولنا أن نتساءل!! لماذا كل هذا الوعيد لمن سألهم؟
فالجواب: إن السؤال لهم عن شيء يدل على ضعف توحيد السائل، فلم يسألهم فحينما يسأل هؤلاء من أي أحد، فهذا السائل قد أخطأ وضل، إذ سأل هؤلاء ولم يرجع أو يسأل العلماء بالله وبدينه فهم سيخبرونه بالعلم الصحيح الكافي، ثم على الإنسان الذي يريد أن يسألهم أن يعلم أنه بذلك يرفع من شأن الساحر لدى الناس فيفتون به ويسألونه كما سأله هو، وحينئذ تقع المصيبة العظمى وهي أن ينتحر السحر ويترك الدين ويهجر القرآن، لأن ألدّ أعداء القرآن هم السحرة حيث تأمرهم الشياطين أن يهينوا القرآن فيهينونه بأشد أنواع الإهانات وذلك بالبول والغائط عليه، وربطه تحت نعلين ثم يمشي بهما إلى مكان البول والغائط فيبول ويتغوط وهو قد داس القرآن بنعلين قذرتين ويكتب الآيات بالنجاسات ويجعل القرآن في مجاري الصرف الصحي يهين القرآن بذلك فتقوم الشياطين الكفرة بخدمته.
ومن خطر السحر أنه يكفر الناس ويخرجهم من الدين وهذه أعظم مصيبة، وهي أن السحر يفسد العقيدة، فقد روى أهل السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) إذاً الأمر عظيم وجد خطير لا يحتمل، وكيف نحتمله ونسكت عنه وهو يؤدي إلى الكفر.. وأما في الآخرة فإن الله قد حرمه من رحمته قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ..}(أي السحر) {مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ..}(أي من نصيب من رحمة الله) {… وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}
الذي يرضى بالسحر ويفعله ويؤذي به اشترى السحر وترك رحمة الله، فليس له إذا قدم على الله نصيب من الرحمة والثواب بل له العقاب الشديد والعذاب الأكبر ومن خطر السحر: أن أصحابه يخدعون الجهلة العامة بكلام مؤثر، يقولون الشيء قادم في المستقبل فيقع كما أخبروا به، فتعظم بذلك فتنتهم والرسول صلى الله عليه وسلم قد أبان هذه الفعلة الكاذبة حيث قال فيهم (ليسوا بشيء.. فقيل يا رسول الله إنهم يحدثون أحياناً بالشيء فيكون حقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة) رواه أحمد والشيخان عن عائشة رضي الله عنها.
ولقد وجد في هذه الأيام أنهم يتصلون بالهاتف الجوال ويخبرون الشخص أنه فلان وأن عندهم روحانية من شيخنا فلان يحذرك من مصيبة واقعة عليك لا محالة ويطلبون مالاً من أجل دفعها عن هذا، فيقول بعض الناس كيف عرفني وعرف رقمي؟ فيقال: هذا كله من طريق الشعوذة والاستعانة بالجن والشياطين، فينبغي الحذر من الكلام معهم أو الخوف منهم، بل يجب الكفر بهم والدعاء عليه والتوكل على الله عز وجل، وأن يحافظ المسلمون أجمعين رجالاً ونساءً شباباً وصغاراً على الأذكار المشروعة مساءً وصباحاً وعند فراش النوم وبعد كل صلاة مفروضة وعند الدخول والخروج وبهذه المناسبة ننصح بكتاب الشيخ سعيد القحطاني (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة) وقد نصح به الشيخ ابن باز - رحمه الله -، وقد ترجم إلى ثماني عشرة لغة، آخرها اللغة الصينية.
[b]
[b]